السبت، 15 مارس 2014

قصة دس جبريل عليه السلام التراب في فم فرعون!!



https://www.youtube.com/watch?v=ASJk2F3E-Wg

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم قال :
لما أغرق الله فرعون قال : { آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل } ( يونس : 90 ) ، فقال جبريل عليه السلام : يا محمد ، فلو رأيتني وأنا آخذ 
من حال البحر فأدسه في فيه ؛ مخافة أن تدركه الرحمة ) 
رواه الترمذي .
معاني المفرادت : 
حال البحر : طينة البحر …..في فيه : في فمه

تفاصيل القصة
على مدار التاريخ القديم لم تشهد البشريّة طاغية متجبّراً ولاباغيةً متسلّطاًكمثل فرعون حاكم مصر ، فسيرته قد سُطّرت بدماء الآلاف من الأبرياء الذينوقعوا تحت سطوته ، ذلك الفرعون الذي نُزعت الرحمة من قلبه فلم يعد لهامكانٌ للضعفاء ولا المساكين ، ولا الأبرياء والمضطهدين ، لم يرحم أمّاً ولا طفلاً ، بل أصدر أوامره بقتل الأولاد واسترقاق النساء ، فكان حقّاً كما قال الله :
{إنه كان عاليا ًمن المسرفين } ( الدخان : 31 ) 
ومن إسرافه على نفسه وظلمه لها ادّعاؤه بكل عنتٍ واستخفاف الألوهيّة من دون الله ، ثم هو يسوق الدلائل الساذجة التي لا تُقنع غِرّاً ساذجاً ،كما جاء في قوله تعالى : 
ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري
من تحتي أفلا تبصرون } الزخرف 51 ،
وقوله تعالى : { وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من
إله غيري فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله 
موسى وإني لأظنه من الكاذبين } القصص : 38
وتمرّ الأيام حتى تأتي نهاية هذا الظالم ، في مشهدٍ ذكرالقرآن لنا طرفاً منه ،

وجاءت القصّة النبويّة التي بين أيدينا لتضيف تفاصيل أخرىلتلك اللحظات ،فبعد أن ضرب موسى عليه السلام بعصاه البحر فانفلق فكان كل فرقٍكالطود العظيم ، سار بقومه وجاوز بهم البحر ،فأتبعه فرعون بجنوده، حتى إذا تعمّقوا في الدخول أمر الله البحر فانطبق عليهم ، ليغرق فرعون ومن معه ، 
قال الله تعالى: {فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ما غشيهم } يونس90 وفي هذه اللحظات الحاسمة التي أوشكت 
فيها الروح على الخروج ، اعترف فرعون بالألوهيّة علّه ينجو
من الموت ، قال الله تعالى : 
حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنوإسرائيل وأنا من المسلمين } يونس : 90
ويراقب جبريل عليه السلام المشهد ، ويخشى أن تدركه رحمة 
الله الواسعة فتُقبل منه أوبته ، فيدفعه غيظه وحنقه أن يأخذ من طينة البحر ويدسّها في فمه ، حتى يمنعه من نطق الشهادة الصحيحة في الوقت المناسب ، ولكن هيهات أن تُقبل منه هذه التوبة وقد جاءت متأخّرةً للغاية ، قال الله تعالى : 
آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين ، فاليوم ننجيك
ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون } 
يونس : 91 – 92
وهكذا منّ الله على أمّة بني إسرائيل ،
فبموت فرعون انتهت
فصول معاناتهم ، وتنسّموا هواء الحرّية والأمن والاستقرار بعيداً عن حياة
الخوف والاستضعاف والإذلال.
وقفات مع القصّة
قصة فرعون مليئة بالعظات والعبر التي يجدر الوقوف عندها والاستفادة من
أحداثها ، ولعلّ أهم ما نستفيده منها بيان ملامح سنّة الله تعالى في إهلاك 
الظالمين ، فنقول :
أولا : قد يتمادى الطاغية في ظلمه ،ويعيث في الأرض فساداً ، 
فلا ينزل عليه العذاب ولا يستحق العقاب مباشرة ، بل نرى الله سبحانه وتعالى يُمهله ويعطيه الفرصة الكاملة للتوبة والإنابة ، وهذا هو عين ماحدث لفرعون فقد ظلّ على عتوّه وجبروته وادعائه للألوهيّة سنين عدداً ، ثم جاءهالعذاب في نهاية المطاف ، على النحو الذي بيّناه سابقاً .
وما إهلاك الله للظالمين إلا بسبب ذنوبهم التي اقترفوها ، 
ويشير ربّنا عز وجل إلى ذلك في قوله : { كدأب آل فرعون والذين من قبلهم 
كذبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا آل فرعون وكلٌّ كانوا ظالمين } الأنفال : 54
والعجب هنا يتملّكنا من فرعون ، فقد رأى بعينيه البحر ينفلق فلقتين ، وهويعلم يقيناً صدق موسى عليه السلام ، وكان بإمكانه الهروب أو التراجعوفق منطق العقل ، لكن ذلك لم يكن ليُرضي غروره وغطرسته ، حتى لاقى مصيره المحتوم.
ووقفة أخرى مع فضل هذا اليوم العظيم الذي أنجى الله فيه موسى عليهالسلام وأظهره على عدوّه ، فقد كانت اليهود تحتفل به شكرا لله ، كما في البخاري عنابن عباس رضي الله عنهما قال:
قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة واليهود تصوم عاشوراء ، فقالوا : هذا يوم ظهر فيه موسى على فرعون ،فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه : أنتم أحق بموسى منهم فصوموا ) 
وفي عدم قبول توبة فرعون في هذه القصّة إشارةٌ إلى أن من شروط التوبة أن تكون في زمن الإمكان والمهلة ، أما وقد بلغت الروح الحلقوم ، ووصلالإنسان إلى حال الغرغرة ، فهناك لا تنفع التوبة ، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم - قال : 
إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر )
رواه الترمذي و ابن ماجه .
ووقفة أخيرة مع درس من أعظم الدروس ، وهو أن النصر 
والعزّة والتمكين للأنبياء والمرسلين والأولياء والصالحين أمرٌ
لابد منه ولو طال الزمن ،أو تأخّر النصر .

جميع الحقوق محفوظة ل sherif010.blogspot.com 2016
تصميم و تكويد : بيكود